تمهيد حول الفدراليّة
ترجمة نـور الأسـعد
المعهد الدّيقمراطي الوطني
بيروت، تموز 2005
Primer on Federalism
طبيعة الفدراليّة Nature of Federalism
س: ما هو المبدأ الفدراليّ؟
ج: يستمدّ المبدأ الفدرالي مفهومه من التّنظيم الحكوميّ الذي يفيد أنّ السّلطات والمسؤوليّات الحكوميّة تتقاسمها الحكومة الفدراليّة (الوطنيّة) من جهةٍ، وحكومات "الوحدات المكوّنة" (حكومة الولاية، والمقاطعة، والإقليم، والحكومة المحليّة) من جهةٍ أخرى. صحيحٌ أنّ كلّ حكومة تبسط سيادتها على ميدانها الخاصّ، إلا أنّ المستويات الحكوميّة المختلفة تتقاسم، في حالات كثيرة، عدداً من السّلطات، مع حكومةٍ واحدة أو أخرى، لها غالباً حقّ الأولويّة في بعض الميادين.
يرتبط المبدأ الفدراليّ ارتباطاً وثيقاً بالدّيمقراطيّة. فتستمدّ كافة المستويات الحكوميّة، في أيّ نظامٍ فدراليّ، سلطتها من دستورٍ لا يمكن تعديله عشوائيّاً. وبطبيعة الحال، تستمدّ هذه المستويات كلّها شرعيّتها من موافقة الشّعب عليها، من خلال انتخاباتٍ حرّة ونزيهة. بالإضافة إلى ذلك، يفترض المبدأ الفدراليّ أنّ المستويات الحكوميّة كلّها تحترم القانون والدّستور وتدعمهما.
س: كيف يطبَّق المبدأ الفدراليّ؟
ج: يُطبّق المبدأ الفدرالي من خلال دستورٍ يعرّف بوظائف الحكومة الفدراليّة وحكومات الوحدات المكوّنة، وسلطاتها. ففي الدّستور الماليزي، على سبيل المثال، يتمّ تعداد الوظائف والسّلطات الحكوميّة ضمن بندٍ شرطيّ مؤلّف من اللائحة الفدراليّة (وظائف الحكومة الفدراليّة وسلطاتها)، ولائحة الولاية (وظائف حكومة الولاية وسلطاتها)، ولائحة أحكام السّلطتين (وظائف كلتا الحكومتين وسلطاتهما).
تملك معظم الاتّحادات الفدراليّة المعاصرة لوائح مشابهة بالسّلطات، وهي تفرض قيوداً دستوريّة على الحكومات أيضاً. فتعتمد كندا، مثلاً، لوائح للحكومة الفدراليّة وحكومة المقاطعة كلتيهما. فضلاً عن ذلك، تتمتّع الحكومة الفدراليّة بما يعرف بالسّلطة المتبقّية، ممّا يعني أنّ أيّ مسألة غير محدّدة في الدّستور تصبح مسؤوليّةً فدراليّة. كما تملك الحكومة الفدراليّة الحقّ في التّدخل في نطاق السّلطات القضائيّة التّابعة للمقاطعة.
أمّا في ألمانيا، فتعتبر السّلطات متداخلة، حيث تهتمّ الحكومة الفدراليّة بالتّشريع في العديد من الميادين، فيما تقوم حكومات الولايات بإدارة هذه البرامج. تجدر الإشارة إلى أنّ هذا النّظام المتداخل يختلف تماماً عن العديد من الأنظمة الفدراليّة الأخرى، حيث تكون أدوار المستويات الحكوميّة المتنوّعة منفصلة ومستقلة تماماً.
س: كيف تطوّرت الفدراليّة؟
ج: تطوّرت الفدراليّة أحياناً كردٍّ على الحاجة الدّاعية إلى ضمّ الجماعات السياسيّة المنفصلة، تحت راية متابعة الأهداف التي لا يمكن أن تحقّقها كلّ جماعةٍ بمفردها. تلك كانت الحالة في سويسرا والولايات المتّحدة. وفي بعض الحالات، تختار دولة وحدويّة سابقاً أن تتحوّل إلى الفدراليّة. وغالباً ما يكون هذا ردّاً على واقع التّنوّع الإثنيّ، والدّينيّ، واللّغويّ. وتلك كانت الحالة في بلجيكا وإسبانيا مثلاً.
س: ما هو النّظام الفدراليّ؟
ج: يتّفق معظم الخبراء على أنّ مزايا خمس تقبض على جوهر النّموذج الفدراليّ، كما يُمارس على أرض الواقع في الحالات كلّها. وهي:
1. مستويان حكوميّان على الأقل، يمارس كلّ منهما سلطته مباشرةً على مواطنيه؛ وتوزيع رسميّ للسّلطتين التّشريعيّة والتّنفيذيّة، ولحصص الموارد بين المستويات الحكوميّة، بما في ذلك بعض الميادين المستقلّة لكلّ مستوى حكوميّ؛
2. بند شرطيّ يضمن تمثيل آراء المجموعات والأقاليم واحترامها، ضمن مؤسّسات صنع السياسات الفدراليّة (المركزيّة)؛
3. دستور خطّي أعلى لا يمكن تعديله من جانبٍ واحد، بل يتطلّب موافقة أكثريّة الوحدات المكوّنة أو كلّها؛
4. حكم مرجع يحكم في النّزاعات النّاشئة بين المستويات الحكوميّة المختلفة؛
5. آليّات وإجراءات لتسهيل العلاقات ما بين الحكومات، في الميادين حيث تكون المسؤوليّات مشتركة أو متداخلة.
النّظام الفدراليّ مقابل النّظام الوحدويّ
Federal System vs. Unitary System
س: ما الذي يميّز النّظام الفدرالي عن نظام الحكومة الوحدويّ؟
ج: في النّظام الوحدويّ، تنحصر السّلطة المطلقة في موقعٍ واحد وحسب هو الحكومة المركزيّة. أمّا في النّظام الفدراليّ، فتكون السيادة مجزّأة إلى حكم ذاتيّ للوحدات المكوّنة في البلاد من جهة، وحكم مشترك للدّولة برمّتها من جهةٍ أخرى. في النّظام الوحدويّ، تستمدّ المستويات الحكوميّة، الواقعة "أدنى" الحكومة الوطنيّة أو المركزيّة، سلطتها من هذه الحكومة المركزيّة. أمّا في النّظام الفدراليّ، فتتشارك الحكومة المركزيّة في سلطاتها مع المستوى أو المستويات الحكوميّة الأخرى؛ وتكون المستويات كلّها خاضعة للمجموعة نفسها من القوانين (الدّستور ومجموعة من القوانين الدّستوريّة) التي لا يمكن تغييرها من جانبٍ واحد، مهما كان.
يتألّف عددٌ كبير من الأنظمة الفدراليّة من حكومةٍ فدراليّة أو وطنيّة، وحكومات الوحدات المكوّنة التي يطلق عليها أسماء مختلفة، منها:
§ الولايات (الولايات المتّحدة الأميركيّة، والمكسيك، ونيجيريا، والهند، إلخ.)؛
§ الكانتونات (سويسرا)؛
§ المقاطعات (كندا، وجنوب أفريقيا)؛
§ مقاطعات اللاندر (ألمانيا، النّمسا)؛
§ الأقاليم (بلجيكا)؛
§ الجماعات المستقلّة (إسبانيا)؛
§ الجمهوريّات، والدّوائر (روسيا).
في بعض الدّول الفدراليّة، ليس في جميعها، تشكّل الحكومة المحلّية مستوىً حكوميّاً آخر. فتظهر، في بلجيكا، حكومات الوحدات المكوّنة الإقليميّة، إلى جانب حكومات "الجماعات" اللّغويّة الفرنسيّة والفلمنكيّة والألمانيّة التي قد تتعدّى سلطتها الإقليم الواحد.
اعتمدت دولٌ كثيرة الفدراليّة نظراً إلى أنّها نظامٌ أكثر مرونة، يحترم التّعدّدية وحريّة الفرد، ويتيح تكيّف مختلف المجموعات الوطنيّة أو الإثنيّة أو الدّينيّة معاً.
يمكن أن تنجز الدّول ذات الأنظمة الوحدويّة هذه الغايات بأساليب شتّى، كتشريع حقوق الإنسان أو تطبيق حقوق الأقليّات التي تلقى حمايةً دستوريّة. في الواقع، حتّى حين تعالج الفدراليّة، بصفتها نظاماً سياسيّاً، مسألة الهويّات المتنوّعة، فهي غالباً ما تترافق مع بنودٍ شرطيّة أخرى تتعلّق بحقوق الإنسان والثّقافة.
س: كيف تختلف الفدراليّة عن "تفويض السّلطة" [من الحكومة المركزيّة إلى السلطات المحلّية]؟
إنّ تفويض السّلطة هو نقل السّلطة إلى الوحدات شبه المستقلة في الحكومة المحلّية التي تتمتّع بوضعٍ مشترك، من أجل مسائل صنع القرار، والماليّة، والإدارة. وغالباً ما يتمّ تفويض السّلطة من خلال نقل مسؤوليّات الخدمات إلى البلديّات التي تنتخب رؤساءها ومجالسها الخاصّة، وترفع إيراداتها الخاصّة، وتتمتّع بسلطةٍ مستقلة لتتّخذ قراراتٍ بالاستثمار. في هذا النّظام، تصطدم الحكومات المحلّية بحدود جغرافيّة واضحة ومعترف بها قانونيّاً، تمارس ضمنها سلطاتها وتؤدّي وظائفها العامّة.
اختارت بعض الدّول أن تمنح الكيانات الإقليميّة التي تشكّل المواطن التّاريخيّة لشعوبٍ متميّزة إجراءً مهمّاً من الحكم الذّاتي. فنحت الحكومة البريطانيّة هذا النّحو في التّسعينيّات مع مقاطعتي اسكوتلندا وويلز. فقد "تنازل" نظام ويستمنستر عن عددٍ كبير من السّلطات إلى جمعيّتي اسكوتلندا وويلز التّشريعيّتين، ممّا منح اسكوتلندا وويلز وضعاً يماثل وضع "الوحدات المكوّنة" في الدّول الفدراليّة.
تختلف سياسة تفويض السّلطة عن الفدراليّة من حيث أنّ الكيانات المُفوّض إليها السّلطة تستمدّ استقلاليّتها من تشريع حكومةٍ مركزيّة، وهو تشريعٌ يمكن لهذه الحكومة أن تنقضه، وإن من جانبٍ واحد. أمّا في الدّولة الفدراليّة، فيضمن الدّستور عادةً حقوق الوحدات المكوّنة، لدرجة أنّ الحكومة المركزيّة نفسها لا تستطيع تعديل وضع الوحدات. ويعتبر هذا التّمييز مهمّاً، لا سيّما بالنّسبة لمن يدرس خيارات الحكم في الدّول التي تتميّز بتاريخٍ من النّزاعات والارتيابات بين جماعاتها الإثنيّة. وقد تسعى المجموعات كلّها إلى الثّقة التي لا يستطيع توفيرها إلا التّدابير الدّستوريّة التي تدعمها وتحكمها سلطةٌ قضائيّة. أمّا في أنظمة تفويض السّلطة، فتكون الضمانات هذه ناقصة.
أنواع الأنظمة الفدراليّة Types of Federal Systems
س: ما هي أنواع الأنظمة الفدراليّة؟
ج: يمكن تصنيف الأنظمة الفدراليّة وفقاً للآتي:
أ- عمليّة اعتماد الفدراليّة؛
ب- وتوزيع السّلطات والوظائف بين الحكومة الفدراليّة والحكومات المحليّة/حكومات الولايات.
س: ما هي أنواع الأنظمة الفدراليّة وفقاً لعمليّة اعتماد الفدراليّة؟
ج: وفقاً لعمليّة اعتماد الفدراليّة، يمكن إيجاد:
أ- الفدراليّات "منذ التّأسيس"– تلعب البنية الفدراليّة والكيانات المتميّزة عند تأسيس الدّولة دوراً عظيماً في تطوير بنية هذه الدّولة السياسيّة والماليّة (مثلاً، كندا والهند وسويسرا)؛
ب- الدّول التي "أصبحت" اتّحاداتٍ فدراليّة- تمّ اعتماد الاتّحاد الفدراليّ لحماية الجماعات الثّقافية المميّزة، وتشجيع التّعايش المسالم بينها (مثلاً، جنوب أفريقيا وبلجيكا وإسبانيا وأثيوبيا)؛
ج- الدّول التي "فرضت عليها" الفدراليّة- في هذه الحالة، تمسي الفدراليّة محاولة يائسة للمحافظة على استمراريّة الوطن من خلال إضعاف الحكومة المركزيّة (مثلاً، البوسنة والهرسك).
س: ما هي أنواع الأنظمة الفدراليّة وفقاً لتوزيع السّلطات والوظائف بين الحكومة الفدراليّة وحكومات الولايات؟
ج: وفقاً لكيفية توزيع السّلطات والوظائف بين الحكومة الفدراليّة وحكومات الولايات، يمكن تصنيف الأنظمة الفدراليّة كالتّالي:
أ- الفدراليّة التّعاونيّة
ب- الفدراليّة التّنافسيّة
ج- الفدراليّة الاختياريّة
في "الفدراليّة التّعاونيّة"، تتشارك الحكومة الفدراليّة وحكومة الولاية في المسؤوليّات ضمن بعض المناطق/ الخدمات، لضمان عمل البرامج الوطنيّة في أنحاء البلد. ومن الدّول التي تعتمد هذا النّوع من الفدراليّة: أثيوبيا، وألمانيا، وجنوب أفريقيا، والولايات المتّحدة، وألمانيا، وكندا.
في "الفدراليّة التّنافسيّة"، تملك الحكومة الفدراليّة دوراً مصغّراً في حكومة الولاية/الحكومة المحليّة. في المقابل، تؤدّي حكومات الولايات/الحكومات المحليّة دوراً أكبر في إدارة شؤونها الخاصّة. ومن الدّول التي تعتمد هذا النّوع من الفدراليّة: بلجيكا، وأستراليا، والبرازيل، وسويسرا.
في "الفدراليّة الاختياريّة"، يكاد النّظام الفدراليّ يشبه النّظام الوحدويّ. فلا تملك حكومات الولايات/الحكومات المحليّة إلا السّلطات والصّلاحيات التي تمنحها إيّاها الحكومة الفدراليّة. بعبارةٍ أخرى، تستمدّ هذه الحكومات وجودها وسلطاتها من الحكومة الفدراليّة. ومن الدّول التي تعتمد هذا النّوع من الفدراليّة: النّمسا، وماليزيا، والمكسيك، والاتّحاد الفدراليّ الرّوسي.
الصّلاحيّة: الوظائف والسّلطات Jurisdiction: Functions and Powers
س: ما هي السّلطات والوظائف الحصريّة التي تحتفظ بها الحكومة الفدراليّة لنفسها؟
ج: عموماً، يمكن أن تحتفظ الحكومة الفدراليّة لنفسها بسلطات ووظائف حصريّة في الميادين التّالية، من بين غيرها:
أ- الأمن الوطني والدّفاع
ب- العلاقات الخارجيّة
ج- العملة المتداولة/ النّظام النّقدي
د- التّبادلات التّجاريّة الخارجيّة/ التّجارة
ه- المواطنيّة
و- الهجرة والنّزوح وتسليم المجرمين الفارّين إلى حكوماتهم
ز- حماية الملكية الفكرية؛ وحقوق الملكية والنّشر
س: ما هي الصّلاحيات الحصريّة التي تتمتّع بها حكومة الولاية في نظامٍ فدراليّ؟
ج: عموماً، يمكن أن تتمتّع حكومات الوحدات المكوّنة (الولاية، أو الإقليم، أو الكانتون، إلخ.) بالصّلاحيات في الميادين التّالية، من بين غيرها:
أ- المحاكم القضائيّة في المناطق والعاصمة
ب- الصّحة
ج- التّربية والثّقافة
د- المنافع العامة
ه- إدارة قوانين الولاية وبرامجها وتنفيذها
و- المنح الحكوميّة المركزيّة إلى الحكومات المحليّة
ز- الشّرطة، والسلامة العامة؛ والقانون والنّظام
ح- البنى التّحتيّة في المحلّة والولاية
ط- الصّحة
ي- الرّعاية الاجتماعيّة
ك- البلديّات
س: ما هي الوظائف والسلطات التي قد تقع ضمن الصّلاحيات المشتركة بين الحكومة الفدرالية وحكومة الولاية؟
ج: تقع ضمن الصّلاحية المشتركة للحكومة الفدراليّة وحكومة الولاية الوظائف والسّلطات في المجالات التّالية من بين غيرها:
أ- التّنمية الثّقافية
ب- تنمية الأنشطة الرّياضيّة
ج- حماية البيئة
د- الطّاقة
ه- السياحة
و- الهجرة
ز- الصّحة (في بعض الحالات)
ح- التّربية (في بعض الحالات)
ط- (نتيجةً للعولمة المتزايدة) التّجارة العالميّة
س: ما هي آلية حلّ النّزاعات والشّكوك حول الصّلاحية في نظامٍ فدراليّ؟
ج: الوسيلة الطّبيعيّة لحلّ النّزاعات هي المفاوضات المستمرّة بين نظامين حكوميّين. أمّا اللّجوء إلى المحاكم، فيبقى الملاذ الأخير. في معظم الدّول الفدراليّة، تعتبر المحكمة العليا أو المحكمة الدّستوريّة المكان النّهائيّ لحلّ النّزاعات بين المستويات الحكوميّة. لذا تحاول الدّساتير الفدراليّة إنشاء الوسائل اللازمة لحماية وحدة المحاكم واستقلالها. وتنصّ إحدى هذه الوسائل على فرض موافقة أكثر من سلطةٍ في الحكومة الفدراليّة، أو في مستوى فدراليّ من الحكومة، على تعيينات المحاكم العليا.
المظاهر العمليّة للفدراليّة Practical Aspects of Federalism
س: هل تناسب الفدراليّة الدّول الكبيرة وحدها، وبالتّالي أتعتبر غير مناسبة للدّول الصّغيرة نسبيّاً مثل العراق؟
ج: الفدراليّة قابلة للتّطبيق في الدّول الصّغيرة والكبيرة على حدٍّ سواء. فالاعتبارات السياسيّة أهم من حجم الدّولة. وسويسرا أصغر من العراق من حيث المساحة وعدد السّكان، إلا أنّ ذلك لم يمنعها من تطبيق نظامٍ فدراليّ.
س: ما هي الأمثلة عن الدّول الصّغيرة والكبيرة التي اعتمدت الفدراليّة؟
ج: تتضمّن الدّول الكبيرة التي اعتمدت النّظام الفدراليّ الولايات المتّحدة، وأستراليا، وكندا، والهند، والبرازيل، والأرجنتين، والاتّحاد الفدرالي الرّوسي. أمّا الدّول الصّغيرة، فمنها بلجيكا وسويسرا والنّمسا.
س: هل تنسجم الفدراليّة مع أيّ من النّظامين الرّئاسي والبرلماني للحكومة؟
ج: نعم، تنسجم الفدراليّة مع كلا نظامي الحكومة الرّئاسي والبرلماني. فمن الدّول التي تتّبع حكومةً بشكلٍ رئاسيّ ونظاماً فدرالياً، نذكر الولايات المتّحدة وفنزويلا والمكسيك. أمّا الدّول التي تتّبع حكومةً بشكلٍ برلمانيّ ونظاماً فدرالياً، فأستراليا وألمانيا والهند وماليزيا.
س: كيف يمكن تنفيذ الانتقال نحو النّظام الفدراليّ؟
ج: يمكن تنفيذ الانتقال من النّظام الوحدويّ إلى النّظام الفدراليّ من خلال التّعديلات الأساسيّة التي تطال الدّستور، واعتماد دستورٍ جديد تقترحه على سبيل المثال جمعية تشريعية انتخابية، أو مجموعة مهمّتها وضع مسودّة بالدستور. في بعض الدّول، كإسبانيا أو بلجيكا، تمّ تنفيذ الانتقال خطوةً بخطوة. أمّا في بعضها الآخر، مثل الولايات المتّحدة الأميركيّة والهند، فكانت الفدراليّة جزءاً من الدّستور المؤسّس والأنظمة السياسيّة.
س: هل ستكلّف إدارة النّظام الفدراليّ أكثر ممّا تكلّفه إدارة النّظام الوحدويّ؟ وهل للفدراليّة تأثير سلبيّ على ازدهار البلدان التي اعتمدتها؟
ج: إنّ الأدلة التي تثبت أنّ الدّول الفدراليّة هي أقل ازدهاراً من الدّول غير الفدراليّة المشابهة، أو أكثر منها، هي أدلةٌ واهية. قد تكون الحكومات معقّدة ومتعدّدة الطّبقات في الدّول الفدراليّة. لكنّ ذلك ينطبق أيضاً على بعض الدّول غير الفدراليّة التي تملك أنواعاً مختلفة من الحكومات المحلية، والإقليميّة، والبلديّة. أمّا الاختلاف، فيكمن في إجراء الاستقلاليّة الدّستوريّة الذي تتمتّع به هذه المستويات الحكوميّة المتعدّدة. فحتّى إدارة "المقاطعات" أو "الأقسام" أو "البلدات" في الدّول الوحدويّة قد تكون مكلفة.
تتوفّر بعض الدّول الفدراليّة الغنيّة والبالغة التطوّر، مثل أستراليا وألمانيا، وبعض الدّول الأخرى الأقل تطوّراً والأشد فقراً، كنيجيريا. لكن ما من دليل على أنّ الفدراليّة تؤثّر سلباً على الأداء الاقتصاديّ. في الواقع، يجادل الكثيرون أنّ حكومات الوحدات المكوّنة المستقلة والقويّة تساهم في الازدهار، لأنّها تتمكّن من إدارة السياسة الاقتصاديّة على أراضيها بشكلٍ أكثر فعاليّة وشفافية وتأثيراً من حكومةٍ بعيدة في عاصمة البلاد.
س: أيّ نوعٍ من الفدرالية يناسب العراق؟
ج: لا يمكن أن يُحدّد نوع الفدراليّة المناسب للعراق إلا من خلال المناقشات والاستشارات والمناظرات بين أفراد شعبنا. فيمكن أن يطوّر العراق نموذجاً فدراليّاً فريداً من نوعه، وخاصّاً به، مستفيداً من تجارب النّماذج المختلفة التي اعتمدتها الدّول الأخرى.
س: هل ستحلّ الفدراليّة مشاكلنا كلّها؟
ج: لا، لن تحلّ الفدراليّة مشاكلنا كلّها. لكن في مواجهة هذه المشاكل كافة، ستتيح للشّعب أن يتحكّم أكثر بحياته، ويرضي خياراته المفضّلة- أي ما يريده حقّاً.